حصــريّا

حصريّاً



أعلن في الإذاعة المدرسية عن مسابقة فنية خارجية ، وعلى من يريد الاشتراك أن يسلم لوحته خلال ثلاثة أيام .تحمس رامي للفكرة وهو الذي حمل حب التميز منذ الصغر ، وعندما عاد الى البيت عرض الفكرة على والده فشجعه وعرض عليه المساعدة إن أراد ، وبعد يومين حمل لوحته وهو يغني أجمل الأغاني ، ويتخيل نفسه وقد فاز بالجائزة الأولى .. إنما كانت صدمة رامي عندما أخذت المعلمة لوحة زميله "أحمد" ولم تأخذ لوحته ، وما أثار عجب هذا الطفل أن هذه المعلمة لم تفتح لوحته لترى ما العمل الأفضل .

بكى لوالده وصاح وأقسم أن لا يعود الى المدرسة ، لكن الوالد احتوى ابنه وذهب به الى مدينة الألعاب ، وبعد أن هدأ الابن حاول الوالد أن يوضح له بأسلوب لطيف أن لوحة زميله كانت اجمل لذلك تم اختيارها ، وفي المرة القادمة عليه بذل جهد أكبر لتكون لوحته أجمل .هاج رامي مجدداً ، وقال بعفوية الطفولة : " كل شئ أحمد ، عريف الصف أحمد ، منظم الكتب أحمد ، أحمد ... أحمد ، أنا أكره أحمد " .

وبعد تحري الوالد علم أن أحمد هذا الأول على الصف ، والطالب الأحب الى قلب المعلمة .. مرت السنوات ورامي الطفل البارئ يظن أنه تخلص من أحمد ، ولم يعلم أنه سيواجهه كثيراً في مجتمعاتنا العربية ، فنحن نحب كلمة " حصرياً"، فربما يبقى العمل محصوراً بفرد واحد سنوات طويلة لسبب ما ، قد يكون لأن رئيسه يحبه ، أو لأنه أول من بدأ بهذا العمل فغدا "حصرياً " .. فكم نحاول خوض عالم الكتابة اعتماداً على أسس من أسلوب وفكرة وغيرها ، لكن نرى الأبواب توصد بوجوهنا ، وذلك لأن الكتابة حصرت باسماء معينة ، وكم نجد الأمر مجهداً ونحن نقاوم المعيقات مواسيين أنفسنا أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ، وكم نحزن عندما تمنع فكرتنا من الظهور بينما نجد الفكرة ذاتها قد ظهرت للأعين لأن صاحبها ممن حصرت بهم الكتابة ، وكم نحزن عندما نرى قصة أحمد ورامي تتكرر كل يوم وفي كل المجالات .

إنما نعود فنتذكر عدل الله ، فهو لا يضيع عمل عامل منا ، ومؤكد أن لكل مجتهد نصيب .